على خلفية ندوة العمل الإستشاري الهندسي اليمني

على خلفية ندوة العمل الإستشاري الهندسي اليمني

على خلفية ندوة العمل الإستشاري الهندسي اليمني


أبناء المهنة الهندسية يطالبون الحكومة : الإسراع في إستكمال قانون مزاولة المهنة وإعادة النظر في قانون المناقصات وتطبيق قانون البناء وضرورة ترتيب البيت الهندسي والإستشاري من الداخل...؟


متابعة/ فؤاد الفتاح


وسط حضور دبلوماسي عربي ورسمي وبمشاركة مهندسين عرب ويمنيين لأول مرة في اليمن نظم إتحاد المكاتب الإستشارية الهندسية اليمنية ندوة علمية ومهنية في العاصمة صنعاء حول العمل الاستشاري الهندسي في اليمن و أهميته و دوره في التنمية و توفير فرص عمل مناسبة للمكاتب الاستشارية و الهندسية اليمنية.وصفت بالناجحة والنوعية.


الندوة جاءت في ظل واقع تغيب فيه الرؤى المهنية وينعدم فيه العمل المؤسسي والدور النقابي الهندسي في دولة يعتبرها الكثير أنها في مقدمة الدول من حيث التشريعات والقوانين، لكنها في المقابل تفتقد أيدلوجياتها إلى العمل المؤسسي والإستراتيجيات التطويرية مما جعلها غير قادرة على التعافي والنهوض إلا في إطار المحدود.


المكاتب الهندسية اليمنية أو المهندس اليمني رغم ما يمثله من دور مهني فاعل بل يعتبر شريكاً رئيسياً في عملية البناء والتنمية والرديف الهام للمقومات الإستثمارية والإقتصادية على المستويين الوطني والقومي،لم يتمكن من تحقيق طموحاته المهنية،رغم ما يملكه من خبرات وكفاءات نوعية في مختلف التخصصات نتيجة عدم إعطاء الفرصة الكافية للمكتب الهندسي اليمني للقيام بدوره المهني والاستشاري بالشكل المتكامل والذي ينمي قطاع الخدمات الاستشارية الهندسية في اليمن ويسمح له بأخذ مكانته وحقه المعنوي والمادي والمهني .


مطالبات مشروعه


في محاولة لتفعيل العمل الاستشاري اليمني وارتباطه بالعربي". طالب الاستشاريون والمهندسون من الحكومة اليمنية في ختام فعاليات الندوة بمشاركة مهندسين استشاريين من دولة الأردن الشقيقة وممثلي الإتحادات الإستشارية العربية وبحضور سفيري الكويت وفلسطين طالبوا الحكومة اليمنية باستكمال انجاز القوانين الخاصة بمزاولة المهنة، مع ضرورة تفعيل قانون المناقصات فيما يتعلق بتطبيق نظام المسابقات المعمارية للمشاريع الهندسية .وطالبوا الحكومة بإسناد جميع أعمال الدراسات والتصاميم والإشراف على تنفيذ جميع مشاريع الدولة للمكاتب الاستشارية المحلية، بحيث تتفرغ الجهات الحكومية للتخطيط والرقابة والتقييم .


ودعوا الحكومة في ختام أعمال ندوة "العمل الاستشاري الهندسي اليمني" التي نظمها اتحاد المكاتب الاستشارية الهندسية اليمنية إلى عدم توقيع عقود تنفيذ المشاريع قبل توقيع عقود الإشراف على تنفيذها، إضافة إلى مراعاتها عدم اعتماد ميزانية أي مشروع ما لم تتوفر له دراسات وتصاميم ووثائق متكاملة معدة من مكاتب استشارية هندسية، مطالبين بذات الوقت بالتامين على الأعمال الاستشارية الهندسية، كما طالب المهندسون بالالتزام بتطبيق قانون البناء وعدم منح التراخيص لإنشاء المباني الخاصة والعامة والاستثمارية إلا بموجب مواد القانون.


كما أوصوا في بيانهم الختامي بإنشاء صندوق خاص بعملية تدريب وتأهيل المكاتب الاستشارية الهندسية داخليا وخارجيا .وعلى هامش الندوة تم توقيع بروتوكولي تعاون بين اتحاد المكاتب الاستشارية والهندسية اليمنية وهيئة المكاتب الاستشارية العربية، وهيئة المكاتب الاستشارية الأردنية، تضمنا الاتفاق على تفعيل التواصل المهني المشترك وأسس للتدريب والتنسيق والتعاون بين الجانبين .


قضية استحواذ


الندوة التي استمرت على مدى يومين شارك فيها عددا من المهندسين العرب واليمنيين بأوراق عمل مختلفة تضمنت على الكثير من المحاور والقضايا الهامة المتعلقة بحال وواقع العمل الهندسي في اليمن من حيث أدائها و إمكاناتها و ذلك بغرض الوصول إلى آليات صحيحة لإيجاد مكاتب استشارية وهندسية بشكل مؤسسي وتوفير الإمكانيات الفنية والمادية والوسائل الحديثة التي تمكنها من تقديم خدماتها بمهنية وكفاءة عالية تنافس المكاتب العربية والأجنبية كما تطرقت أوراق العمل إلى قضية استحواذ المكاتب الاستشارية العربية والأجنبية على عقود الأعمال الاستشارية الكبيرة التي يصلها سقفها إلى مستوى صلاحيات اللجنة العليا للمناقصات وتقدر قيمتها سنوياً بعشرات المليارات بالريال اليمني فيما تغيب الشفافية والإجراءات القانونية عن عقود الأعمال الاستشارية الواقعة في المستويات الأقل والتي بدورها لا تقل قيمتها سنويا عن مليارات الريالات تذهب مع الريح أو لا يتم الاهتمام بها كما يحصل في أعمال الدراسات الخاصة بالقطاع الخاص والتي يتم تمرير أعماله في مكاتب وزارة الأشغال بإجراءات مخالفة .


كما سلطت أوراق العمل الضوء على قطاع الخدمات الاستشارية الهندسية وواقعه وكيف يمكن تطويره والارتقاء به .وبحسب بيان إتحاد المكاتب الإستشارية أن تحقيق الجودة العالية والأمان الكافي والتكلفة الأقل المشاريع ومنشآت الدولة والقطاع الخاص والمختلط قضية ذات علاقة وثيقة بالعمل الهندسي الاستشاري وبوجود قوانين منظمة وواضحة وشفافة وغير مخترقة بشكل سافر هي محاور أساسية لأوراق العمل المقدمة من مختصين في جهات محلية رسمية والبنك الدولي واتحاد المكاتب الاستشارية اليمنية وبمشاركة من هيئة المكاتب الاستشارية العربية وهيئة المكاتب الاستشارية الأردنية.


في مسار واحد


الجانب الرسمي ممثلاً بوزارة الأشغال العامة والطرق خلال حضوره الندوة اكتفى بدوره على لسان معالي وزير الأشغال العامة المهندس/عمر الكرشمي بتوجيه دعوة إلى قطاع الاستشارات الهندسية في اليمن بالقيام بدور فاعل يساعد في استيعاب التمويلات الخارجية للمشاريع الخدمية والتنموية. منوهاً إلى الدور المعول على الاتحاد في تنظيم مزاولة المهنة وتقوية البناء المؤسسي والتنظيمي للمكاتب الاستشارية وتفعيل دور الاستشاري.لافتاً إلى مكانة قطاع الاستشارات الهندسية في البلدان المتقدمة باعتباره أساس التنمية وأداة فاعلة في تقدم وتطور المجتمع.ولم يتطرق إلى الأسباب التي تقف وراء تأخر إصدار قانون تنظيم ومزاولة المهنة رغم إدراك الجانب الحكومي بأهمية تنظيم هذا القطاع وتفعيل دوره المهني على غرار علمهم وإطلاعهم بما حققه قرنائه في معظم الدول العربية من إنجازات وموارد هائلة إستثمارياً وإقتصادياً.


وبحسب ما ذهب إليه بعض المعنيين على خلفية ما تم إثارته من نقاشات وتساؤلات حول قضية مبررات تعامل الحكومة مع الشركات والمكاتب الأجنبية في ظل وجود المكاتب المحلية فقد أرجع من يمثلون الجانب الحكومي بالقول بأنه لا توجد مكاتب هندسية استشارية متخصصة في اليمن على قدر كبير من الجاهزية حتى على مستوى الشروط الخاصة بالتجهيزات المكتبية فضلاً عن غياب الرؤى الإستراتيجية وتدني مستوى الأداء هو ما جعل الدولة تلجأ إلى التعامل مع المكاتب والشركات العربية والأجنبية ، وأن غالبية المكاتب الهندسية الإستشارية تتزاحم في مسار واحد وهو قطاع الإنشاءات والمشاريع الصغيرة والعادية فقط مشيرين إلى أن الدولة تحتاج إلى تخصصات متعددة في مشاريع الطرقات والجسور والأنفاق والمشاريع الإستراتيجية الكبيرة فضلاً عن تدني مستوى تقديم العطاءات والدراسات والتصاميم وأعمال الاستشارات ذات الرؤى العلمية الشاملة والأبعاد الخدمية والإستثمارية التي تمكنها من منافسة الشركات الأجنبية.


ضعف وتخلف


من جهته أوضح رئيس اتحاد المكاتب الهندسية المهندس أحمد صالح العبيدي أن الحكومة اليمنية أنفقت عام 2009 أكثر من 40 مليار ريال على الخدمات الاستشارية، ذهب معظمها للشركات والمكاتب الخارجية ونسبة ضئيلة للمكاتب الاستشارية الهندسية المحلية. ولفت إلى أن قطاع الاستشارات الهندسية من أهم القطاعات الاقتصادية في الكثير من بلدان العالم لما يحققه من موارد ويوفره من فرص عمل للمهندسين والمشتغلين في هذا المجال.واستشهد بما حققه هذا القطاع من عوائد في بلدان من العالم كالأردن وبريطانيا وأميركا ولبنان وغيرها.وأكد العبيدي أن اليمن تفقد أمولا كثيرة في إنشاء المشاريع المختلفة لأسباب منها ضعف وتخلف قطاع الاستشارات الهندسية والمقاولات في اليمن.


كما أن استحواذ المكاتب الاستشارية العربية والأجنبية على عقود الأعمال الاستشارية الكبيرة التي يصلها سقفها إلى مستوى صلاحيات اللجنة العليا للمناقصات وتقدر قيمتها سنوياً بعشرات المليارات بالريال اليمني هو نتيجة لغياب الشفافية والإجراءات القانونية عن عقود الأعمال الاستشارية الواقعة في المستويات الأقل والتي بدورها لا تقل قيمتها سنويا عن مليارات الريالات تذهب مع الريح أو لا يتم الاهتمام بها كما يحصل في أعمال الدراسات الخاصة بالقطاع الخاص و التي يتم تمرير أعماله في مكاتب وزارة الأشغال بإجراءات مخالفة .


 


الخوف من الواقع


معنيون وغير معنيون فالكل حضر بصفته مهندساً أو منتمياً لهذا الكيان أو غيره،ولا فرق بين الشاكي والمشكو به فالجميع يتحدثون عن واقع المهنة الهندسية والعراقيل والأخطاء والتجاوزات والمعوقات،لكنهم في المقابل وظيفياً يصرون على خلق مبررات عارية من الصحة في محاولة منهم للهروب من واقع مسؤولية صنع القرار وسن التشريعات المهنية أو كما برز جلياً هو الخوف الكبير من تداعيات تلك التشريعات التي قد تلحق بمصالح الأغلبية لأسباب كثيرة يعرفون كل تفاصيلها.


ثمة محورين رئيسين كانا كفيلان بتغيير واقع وحال المهنة الهندسية لو تم أخذهما بعين المنطق والصواب وتبلورت لأجلهما الرؤى والأفكار وصدقت معهما النوايا بالعمل الجاد من خلال وضع آليات عملية وفاعلة للوصول إلى تحقيقهما قبل التفكير بما هو غير قابل للتحقق كطموحات وأحلام وإن كانت مستحقة والتي شملتها التوصيات لكنها في الواقع الراهن ربما قد تكون سابقة لأوانها.


المحور الأول يتمثل في إستكمال الشخصية الإعتبارية والمستمدة شرعيتها وفق الأطر المنظمة والمكتملة لمسميات تلك الكيانات والتي يجب التعامل معها بصفة قانونية ورسمية على المستوى الداخلي والخارجي وذلك من خلال الذهاب إلى عقد مؤتمراتها العامة وإستكمال فروعها في المحافظات، وهذا المحور متلازم بشكل مباشر مع أهمية المحور الثاني والمتمثل بإستكمال القوانين الخاصة بمزاولة المهنة ومراجعة لائحة التصنيف وتحديثها،وإعادة النظر في قانون المناقصات والمزايدات وهو المحور الأهم الذي سيمنح الكيانات النقابية الهندسية بكل مكوناتها الدور الفاعل في توطيد عملية الشراكة الحقيقية مهنياً وتنفيذياً ويوصلها إلى حقها القانوني والمهني المشاركة الفاعلة في صناعة القرار.


المهندس عبدالله الضبياني رئيس دائرة الأنشطة والإعلام بالاتحاد أكد على أن الندوة تهدف إلى تطوير العمل الهندسي الاستشاري،وإيجاد علاقة وطيدة بين القطاع الحكومي والخاص، إضافة إلى المطالبة بتسنين قانون المهنة الهندسية، لتطوير العمل الاستشاري وإعطاءه أهمية كبيرة، حتى يحقق الاتحاد أهدافه التي انشأ من اجلها. وطالب الضبياني بتفعيل قانون المهنة الهندسية الذي لا يزال في طور النقاش في رئاسة الوزراء، كما طالب بالارتباط بقانون المهنة الهندسي العربي.


رسالة المهندسين


يجمع أبناء المهنة الهندسية في مختلف التخصصات من الحاضرين وهو إجماع بمثابة رسالة موجهة إلى الحكومة والمعنيين مفادها هو الإسراع في إستكمال قانون مزاولة المهنة وإعادة النظر في قانون المناقصات وتطبيق قانون البناء وضرورة ترتيب البيت الهندسي والإستشاري من الداخل من خلال تصنيف المكاتب الهندسية والإستشارية في اليمن وفق شروط ومعايير عربية ودولية،إضافة إلى أهمية دعم وتفعيل دور العمل النقابي وعلى وجه الخصوص نقابة المهندسين اليمنيين لتتمكن من تطوير وتحسين أداء المهنة بإعتبارها الكيان النقابي الهندسي الذي تقع تحت مسؤوليتها وظلتها كافة الكيانات الهندسية المختلفة،وهذا ما يتطلب القيام به بدرجة أساسية من قبل الدولة ووزارة الأشغال العامة والطرق لتتمكن كافة الكيانات الهندسية من تحقيق قانون المهنة والذي يعد المدخل الرئيسي لتطبيق وتفعيل كافة القوانين والتي منها تطبيق قانون البناء وتفعيل قانون المناقصات وصولاً إلى الإرتقاء بالدور الهندسي والإستشاري وتحقيق مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص.


إلى جانب تفعيل الرقابة والمتابعة على التنفيذ والأداء وكافة التعاملات الأخرى والإلتزام بمبدأ الثواب والعقاب للحد من ظاهرة العشوائية في هذا القطاع الهام والذي تنعكس أضرارها على كافة المشاريع الخدمية المجتمعية من أبرزها ظاهرة البناء العشوائي والاختناقات المرورية وتدنى مستوى تطبيق المعايير والمواصفات وغيرها من الأخطاء الفادحة التي تكلف الدولة الأموال الطائلة تحت دواعي تحسين الخدمات لتصبح بذلك قضايا تؤرق الدولة وتواجه مشكلة في الحلول والمعالجات، وان كل مثل هذه المشكلات سببها تغييب الدور النقابي والمهني المختص في التعامل مع مثل هذه القضايا والمتمثل في عدم إصدار قانون مزاولة المهنة وغيرها من القوانين المكملة وذات العلاقة.